المكان : ساحة تيانانمين ( ميدان السلام السماوي )
الزمن : السابعة صباحاً بتوقيت بكين
التاريخ : 4 يونيه
1989تحت جنازير مئات الدبابات وفي مرمى نيران أكثر من عشرة آلاف جندي كان مئات الآلاف من المتظاهرين في ساحة الميدان السماوي بانتظار الموت، لم يكن يدري مطالبي الإصلاح السياسي ومؤيدي الديمقراطية في ساحة تيانانمين أن نهاية مأساوية بانتظارهم في الساعات الأولي من يوم الأحد، اليوم الخامس لتظاهرات الطلبة والعمال والشباب ضد فساد الحزب الشيوعي وأتباعه في كافة ارجاء #الصين، كانت تلك الخمسة أيام هي الديمقراطية الوحيدة في تاريخ الصين الحديث، إن كسراً للصمت ولهيبة الخواء الفكري الذي أنتجه القمع الشيوعي قد حدث بفعل تأثير بركان الغضب الذي فجره الجوع والفقر واضمحلال الحقوق العامة والشخصية، ليظل الرابع من يونيه شاهداً على جريمة نظام بحق شعبه بل بحق الإنسانية كلها على مرأى ومسمع من العالم كله، يظل مشهد 4 يونيه حاضراً، ضريح ماو تسي تونج في الخلفية وحشود المتظاهرين يواجهون أسراب الدبابات بالعصي والحجارة. لم يغب مشهد ” رجل الدبابة ” الأيقوني عن ذاكرة مناهضي العنف ونشطاء حقوق الإنسان حول العالم، ظلت وكالات الأنباء والصحف وحركات حقوق الإنسان حول العالم تبحث عنه، بحقيبتين وبجسارة بطل، واجه رجل الدبابة تقدمها، يراوغ ويناور ليعبر عن أن شيئاً لم يعد موجودًا هو الخوف، لا يمكن أن تستبعد المقاربة بين مشهد رجل الدبابة في بكين ومشهد شاب مصري يقف في وجه مدرعة أمن مركزي صبيحة الثلاثاء 25 يناير 2011 في مصر، كانت المدرعة في طريقها لتفريق حشود المتظاهرين قبل أن يقرر هذا المجهول أن يواجه خوفه بألا يخاف، يقف الشاب في مشهد يحدث فقط في أفلام هوليودية عن الشجاعة والحق ليواجه رشاش المياه بصدره، عاقداً يده حول خصره وكأنه يقول ماذا بعد . لم يصل العالم إلى هوية رجل الدبابة كما لم يعرف المصريون هوية هذا الشاب، لأنهم وقبل كل شيء أرادوا أن يظلوا مجهولين، وكأنهم يقولون أنهما رمز قبل أن يكونا شخوصاً بذواتهم . شهدت المظاهرات في تيانانمين مشاركة واسعة لطلاب الجامعات في بكين تحت إشراف مدرسيهم وأساتذتهم في تطبيق عملي أرادوا الطلبة أن يقدموه كمشروع تخرج عن نهضة الصين وعظمة تاريخها وحضارتها الإنسانية الممتدة وواقعها المرير، قاد الطلبة حركة التغيير التي لم تبدأ مصادفة في 1989، فقد بدأت موجات التظاهرات تشتد من 1975 ثم تعود للظهور من جديد في 1987 لتتوج بنجاح الطلاب والشباب في ضم العمال وفئات أخرى جعلت من مظاهرات 1989 هي الأضخم والأكثر خطورة على النظام وحزبه، صمم طلاب الفنون الجميلة تمثالاً للديمقراطية قرروا أن يكون مغايراً لتمثال الحرية وكان هو تمثال “آلهة الديمقراطية ” الذي شكل الأيقونة الثانية للتظاهرات والتف حوله المتظاهرين قبل أن تسحقه الدبابات بعد أن سحقت من حوله. تُذكرنا مئوية الحزب الشيوعي الصيني بتاريخ طويل من الكفاح خاضه الشعب الصيني ومازال يخوضه في ظلام وبصمت حيث الإنترنت مراقب والصحف مصادرة والوكالات الدولية غائبة ، لكي ينبهنا دائمًا أن التغيير ليس نزهة وأن أعظم نضالات الإنسانية هي تلك التي امتدت عبر أجيال وأجيال.
