متابعة أنماط ووجهات التمويل الصيني في إطار دول مبادرة الحزام والطريق نجد أن من بين ال68 دولة المشاركة في المبادرة حوالي 33 دولة تصنيفها الائتماني منخفض وأقل من درجة الاستثمار نجد أن الصين تقوم بتمويل استثمارات بأسعار فائدة منخفضة في دول عالية المخاطر الائتمانية. حيث هناك 31 دولة من دول مبادرة الحزام والطريق يقع تصنيف ديونها السيادية ما بين سئ جداً ودول غير مصنفة أصلا مثل إيران وتركمانستان وأوزباكستان، وهو ما يعني معرفة الحكومة الصينية مسبقاً بأن فرص استرداد الديون تكاد تكون معدومة ومع ذلك تقوم بضخ مليارات في قروض تمويل بنية تحتية تنفذها شركات وعمالة صينية تؤول في النهاية للصين.
فنجد على سبيل المثال تضخم نسبة الدين للناتج المحلي في جيبوتي من 50% سنة 2014 لتصل 85% سنة 2016 بفضل الديون الصينية فجيبوتي والتي يبلغ الناتج المحلي الإجمالي لها حوالي 1.8 مليار دولار في عام 2017 قامت الصين بإقراضها 1.4 مليار دولار لتمويل عدة مشاريع بنية تحتية تتضمن ميناء بحري جديد في جوبت ومطارين !!
وفي أنجولا – الدولة الغنية بالبترول – بلغت نسبة الدين للناتج المحلي 29.5% سنة 2012 لتصل إلي 80.5% عام 2018 بإجمالي 46.9 مليار دولار تمتلك الصين وحدها أكثر من 50% من قيمة هذه الديون وتذهب معظم الصادرات النفطية للدولة لتسديد هذه الديون الصينية، أما في كينيا فتبلغ الديون الصينية قرابة ال30% من إجمالي الديون الخارجية للحكومة الكينية وفي الكاميرون تبلغ نسبة الدين الخارجي للصين حوالي 29% من إجمالي الدين الخارجي للدولة بينما تبلغ حصة باقي الدول من الديون الخارجية الكينية 2% فقط.بالنظر إلي الاستحواذات الصينية على العديد من الموانئ البحرية نجد أن العديد منها حدث نتيجة سياسات فخ الديون ،حيث تقوم الصين عبر مؤسساتها المملوكة للدولة بإغراق الدول الفقيرة بالديون وذلك بإقراض تلك الدول لتمويل مشروعات بنية تحتية وتنموية مشكوك في جدواها الاقتصادية على أن تنفذها الشركات الصينية ويكون للعمالة الصينية النصيب الأكبر فيها وعندما تتعثر هذه الدول في تسديد القروض تقوم الصين بالاستحواذ على تلك المشروعات.وهو ما حدث في ميناء هامبانتوتا في سريلانكا والذي استطاعت الصين الحصول على امتياز ملكية له لمدة 99 عام، وتكررت الحالة في ميناء جوادار الباكستاني، كما استطاعت الاستحواذ على حصة حاكمة في ملكية ميناء بيريوس اليوناني بسعر منخفض أثناء أزمة الديون اليونانية.
وفي الصومال حصلت الصين على حقوق الصيد الحصري قبالة سواحل الصومال بالإضافة لحصة في ميناء مقديشو مقابل قرض قيمته 200 مليون دولار لإعادة بناء الميناء.كما استحوذت الصين على مطار كينيث كاوندا بزامبيا وحالياً هناك تهديد صيني بالاستحواذ على ميناء مومباسا الإستراتيجي في كينيا حال فشل كينيا في تسديد مديونيتها للصين .
وهكذا نجد أننا أمام نمط محدد لإغراق الدول الفقيرة منخفضة التصنيف الائتماني بمديونيات قد تبدو قيمتها صغيرة لدولة في حجم الصين لكنها تشكل جزء كبير من هياكل المديونية لتلك الدول مما يضع تلك الدول تحت رحمة الصين التي تستحوذ على الأصول وحقوق الامتياز للثروات الطبيعية بالإضافة بالطبع لتنفيذ المشروعات على يد شركات صينية و عمالة صينية في تلك الدول من ناحية أو تستخدم هذه الدول كأدوات ضغط سياسي لخدمة أهداف الصين التوسعية من ناحية أخرى.
