بعد وعوده بالتحول الديمقراطي وإطلاق الحريات المدنية وحرية الصحافة وبعد أن تقلد نوبل للسلام نتيجة جهودة في حفظ السلم مع إريتريا ودوره في المصالحة السودانية، وبعد أن أرتفعت الآمال إلي السماء نحو القائد الأفريقي الجديد الذي يتطلع له العالم ليخرج بأثيوبيا كتجربة ديمقراطية رائدة في أفريقيا، إنه أبي أحمد الرجل الذي أدهش العالم مرتين الأولي بذاك الوجه الشاب السياسي صاحب كلمات المحبة والخير والسلام، والثانية حينما فجأة تبددت الآمال وسقط القناع الزائف وظهر الوجه الحقيقي لرئيس الوزراء الأثيوبي حامل نوبل للسلام.
تبخرت وعود التحول الديمقراطي أمام قرار تأجيل الانتخابات، وسقطت الحريات المدنية تحت أقدام قوات القمع الحكومي، وتناسي أنه وصل إلي السلطة بعد استقالة هيلي ماريام ديسالين في مارس ٢٠١٨ علي أثر الإحتجاجات التي قادتها المعارضة في أقليم أوروميا، ليجد نفسه أمام نفس الموقف مواجهة المتظاهرين من نفس الأقليم، الفارق الوحيد أنه لم يستقيل كما حدث مع ديسالين، بل تقلد زيه العسكري وأصدر قراراته بالصدام مع المتظاهرين بالقوة ليسقط الضحايا من المتظاهرين ولم تكن حصيلة القتلي ٦٧ شخصاً كما كانت في إحتجاجات أكتوبر ٢٠١٩ أعتراضاً علي خطابه في البرلمان، بل وصلت إلي ٢٣٩ قتيل وإعتقال أكثر من ٣٥٠٠ آخرين من بينهم زعماء المعارضة وقطع شبكة الأنترنت بالكامل.
ما يحدث في أثيوبيا من قتل المتظاهرين وقطع الاتصالات وإرجاء الانتخابات وإعتقال قيادات المعارضة لا يختلف عما يحدث في أي بلد يقوده الإستبداد. ولكن الفرق أن هؤلاء القادة المستبدون لم يحصلوا علي نوبل للسلام، و هذا يدفعنا للسؤال هل كان قرار منح أبي أحمد جائزة نوبل للسلام قرارًا متهورًا من لجنة نوبل؟
إن الوضع في أثيوبيا يمثل ردة خطيرة في طريق التحول الديمقراطي، فالمعارضة والمتظاهرون لا يهددون إستقرار أثيوبيا بل استمرار سياسات أبي أحمد بهذا الشكل هي التي تهدد أمن وأستقرار أثيوبيا بل وتمثل خطراً علي الديمقراطية.
