يحتفل الحزب الشيوعي الصيني ثاني أكبر حزب علي مستوي العالم بالذكري المئوية لتأسيسه في ١ يوليو ١٩٢١، ويحكم الحزب الشيوعي الصين بعد أن استولي علي الحكم بعد الحرب الأهلية في العام ١٩٤٩.
ولا شك انه في السنوات الأخيرة في ظل حكم الرئيس شي إزداد نفوذ الحزب الشيوعي الصيني خارج الصين حيث ركز الحزب الشيوعي علي التواصل مع واستقطاب بل واستطيع أن أقول تجنيد عدد من السياسيين خاصة في الدول النامية والفقيرة ليسيطر من خلالهم علي أدوات الحكم في تلك البلاد.
وللاسف فإن الكثيرين انصاعوا لأكاذيب البروباجندا الصينية التي ضخمت حالة النمو الاقتصادي في السنوات العشرين الآخيرة لتظهر الصين كواحدة من أكبر النمور الآسيوية تلك التي أخفت حقيقة أن ملايين الصينين في الأقاليم الريفية يعانون من المجاعات ويعيشون تحت خط الفقر المدقع، ولا يفوتنا دور البروباجندا في التعتيم علي فيروس كورونا وقمع الأطباء الذين كشفوا عن هذا الفيروس الذي انتشر في ووهان حتي خرج من الصين وأصبح وباءاً عالمياً راح ضحيته الملايين وبسببه إنهار الاقتصاد العالمي، ولا تزال الصين تتشدق بالنمو الاقتصادي وسط الأزمة متناسية تماماً انها سبب الأزمة، وتاريخ الصين في القمع لا يتوقف هنا بل يمتد لأقليم هونج كونج واضطهاد الاقليات والاثنيات العرقية في كامل إقليم الصين.
وبالطبع وكنظام سلطوي لم يكتف بالسيطرة وتزوير الحقائق في الحاضر والمستقبل بل فعل بالضبط كما تخبرنا رواية ”١٩٨٤“ لجورج أورويل عن وزارة الحقيقة والتي كانت تعيد صياغة التاريخ بما يتناسب مع مصالحها الشخصية، ففي فبراير الماضي أصدر الرئيس شي نسخته الخاصة جداً المنقحة جيداً من تاريخ الحزب الصيني في كتاب ”التاريخ الموجز للحزب الشيوعي الصيني“ في صورة كتاب مطبوع تزيد صفحاته عن ال ٥٠٠ صفحة وسيتم تعميمه علي كافة المدارس والجامعات في الصين ككتاب مدرسي. ولم تتسع تلك النسخة التي تلخص حقبة الاضطرابات الصينية والثورة الثقافية التي استمرت عقد من الزمان إلا ل ٣ صفحات فقط لتخفف من وطأة أدانه الحزب لتلك الثورة الثقافية في العام ١٩٨١. ليس هذا فحسب فقد تم التأكيد علي التعتيم علي فظائع ماو ولم يتم ذكرها إلا قليلاً ، فمثلاً تم أختصار ”القفزة العظيمة الي الأمام“ والاكتفاء ب“الصعوبات الاقتصادية ” هذا في الوقت الذي فيه يذكر الكتاب المدرسي من الذكري التسعين كلمتي ”مجاعة“ و ”وفيات مجاعة“ ذكر الكتاب المئوي المجاعة الكبري (١٩٥٨-١٩٦٢) التي راح ضحيتها عشرات الملايين والتي كانت نتيجة مباشرة لسياسات ”القفزة العظيمة إلي الأمام“، مرة واحدة فقط علي أنها كارثة طبيعية.
أما عن مظاهرات ميدان تيانانمين الشهيرة في العام ١٩٨٩ والتي نتذكر منها المشهد الأكثر شهرة في التاريخ رجل الدبابة فقد تم التعامل معها بإيجاز شديد وتم وصفها علي انها ”انتفاضة معادية للثورة تسعي إلي الغاء النظام الاشتراكي وكان لابد من إخمادها من قبل الحكومة“.
ويختتم الكتاب ب“ أفكار شي للعصر الجديد“ والتي تهدف لتجاوز الولايات المتحدة كأكبر أقتصاد في العالم وترسيخ الصين لنفسها كقوة عسكرية وتكنولوجيا من الدرجة الأولي. والمدهش أن هذه الخاتمة تشغل حوالي ربع الكتاب علي الرغم من أنه وصل للسلطة منذ ٨ سنوات منذ العام ٢٠١٢ مقارنة ب ١٠٠ سنة التي يعيد تأريخها الكتاب.
والسؤال هنا حتي متي سيبقي شي في الحكم، فقد ألغي أي قيود علي تمديد ولايته لأجل غير مسمي وحتي الآن لم يعلن علي من سيخلفه في حكم الحزب والصين، حيث انه من المفترض في العام القادم ٢٠٢٢ أن تعلن اللجنة الدائمة للمكتب السياسي الحالي عن تنحيها وتعيين قادة جدد للحزب وللدولة. فهل سيحدث هذا أم سيعلن مؤتمر الحزب الشيوعي عن ماو جديد.